معركة تحرير السويس هي معركة دارت بين جيش الدفاع الإسرائيلي والجيش المصري وأفراد من المقاومة الشعبية في مدينة السويس المصرية يومي 24-25 أكتوبر عام 1973.

كتب : ناصر عبدالرحيم
السبت 24 اكتوبر 2020 - 11:56 ص

 
 
 
 
معركة تحرير السويس هي معركة دارت بين جيش الدفاع الإسرائيلي والجيش المصري وأفراد من المقاومة الشعبية في مدينة السويس المصرية يومي 24-25 أكتوبر عام 1973. وكانت آخر معركة كبرى في حرب أكتوبر، قبل سريان وقف إطلاق النار. في 23 أكتوبر مع وصول وشيك لمراقبي الأمم المتحدة، قررت إسرائيل اقتحام السويس، على افتراض أنها ستكون ضعيفة الدفاعات. أوكلت المهمة إلى لواء مدرع وكتيبة مشاة من لواء المظليين، ودخلت المدينة دون وجود خطة للمعركة. تعرض اللواء لكمين وتعرض لخسائر كبيرة، كما تعرضت قوات المظليين لنيران كثيفة والعديد منهم أصبحوا محاصرين داخل المبانى المحلية.[2]ي فجر يوم 23 أكتوبر انتهكت إسرائيل قرار مجلس الأمن رقم 338 الصادر في 22 أكتوبر 73 بوقف اطلاق النار، فقد تقدمت الفرقتان المدرعتان بقيادة الجنرالين ابراهام أدان وكلمان بموافقة القيادة الجنوبية الاسرائيلية، جنوبا في اتجاه السويس، وأصبح من الواضح أن اسرائيل مصممة على تحقيق أهدافها التي لم تتمكن من تحقيقها قبل وقف اطلاق النار، بسبب المقاومة المصرية الباسلة، وهي عزل مدينة السويس واحكام الحصار حول الجيش الثالث الميداني شرق القناة، لاستخدام ذلك كورقة رابحة في يدها للمساومة بها خلال المحادثات التي كان من المنتظر عقدها بينها وبين مصر وفقا لقرار مجلس الامن الدولي رقم 338.
وفي الساعة التاسعة والنصف صباحا يوم 23 أكتوبر بتوقيت شرق الولايات المتحدة، اتصل كورت فالدهايم السكرتير العام للأمم المتحدة من نيويورك بوزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر في واشنطن هاتفيا، واخطره أن مصر تقدمت بشكوى رسمية عن الخرق الاسرائيلي لوقف اطلاق النار، وانه يقترح ايفاد قوة طوارئ دولية لمراقبة وقف اطلاق النار.
رار مجلس الأمن رقم 339
 
أفراد المقاومة الشعبية يقفون بالقرب من دبابة إسرائيلية مدمرة أثناء معركة السويس.
نظرا لان السفير السوفيتي أناتولي دوبرينين كان لا يزال في موسكو عقب حضوره محادثات الرئيس بريجينيف وكسنجر يوم 21 أكتوبر في العاصمة السوفيتية، فقد بادر كيسنجر عقب حديث فالدهايم معه الى الاتصال بالقائم بالأعمال السوفيتي في واشنطن، وقدم له اقتراحا لينقله الى موسكو، وهو أن يجتمع مجلس الأمن كي يكلف السكرتير العام فالدهايم باصدار نداء الى الاطراف المعنية بضرورة الالتزام بوقف اطلاق النار وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 338.
وكان هنري كيسنجر الشديد التعصب لاسرائيل بحكم ديانته اليهودية، قد استغل منصبه كوزير خارجية الولايات المتحدة لتقديم مساعدات ضخمة لاسرائيل منذ بداية الحرب في شتى المجالات. وأثناء محادثاته مع بريجينيف خلال رحلته الى موسكو من اجل وقف اطلاق النار، تعمد اضاعة الوقت وتأخير اجتماع مجلس الامن لكي يعطي مهلة اضافية لاسرائيل عسى أن تسجل قواتها مزيدا من التقدم في جبهة القتال.
وخلال وجوده في موسكو أبرقت اليه جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل تطلب منه القدوم الى اسرائيل قبل عودته الى واشنطن، وعلى الفور غير كيسنجر من مسار رحلته كلها لكي يستجيب لطلب رئيسة وزراء اسرائيل، ووصل الى مطار بن جوريون في الساعة الواحدة ظهر يوم 22 أكتوبر أي بعد صدور قرار مجلس الامن رقم 338 بست ساعات.
وقبل أن يغادر كيسنجر اسرائيل، كان موعد سريان وقف اطلاق النار قد حل، وقد سجل كيسنجر في مذكراته ما يثبت تماما انه قد استغل منصبه لكي يعطي اسرائيل ضوءا اخضر لكي تخرق وقف اطلاق النار، فقد ذكر بالحرف: "في اسرائيل ولكي احظى بمساندتهم فانني أشرت لهم انني سوف اتفهم الامر اذا افلتت ساعات قليلة من سريان وقف اطلاق النار، وستفلت هذه الساعات بينما اكون عائدا بطائرتي الى واشنطن". وعلى ذلك لم يكن اقتراح كيسنجر للقائم بالاعمال السوفيتي بتكليف مجلس الامن لفادلهايم باصدار نداء الى الاطراف المعنية للالتزام بوقف اطلاق النار. . سوى حلقة جديدة من سلسلة اضاعة الوقت التي أحكم كيسنجر تدبيرها لمنح القوات الاسرائيلية الفرصة التي تتوق اليها لتحقيق أهدافها.
 
ولكن كيسنجر في غمرة مناوراته الملتوية نسى أن زعماء الكرملين في موسكو كانوا يدركون جيدا حقيقة اهدافه ومراميه في سبيل خدمة اسرائيل، ولذا أدركته الدهشة حينما نقل اليه القائم بالاعمال السوفيتي مذكرة عاجلة موجهة اليه من الرئيس السوفيتي بريجنيف، اذ ان ذلك الاجراء لم يسبق حدوثه من قبل، فان بريجنيف وفقا للاعراف الدبلوماسية لا يوجه رسائله الا الى الرئيس الأمريكي نيكسون. وفهم كيسنجر على الفور ان الرئيس السوفيتي يريد ان يلفت نظره بهذه الرسالة المباشرة المرسلة اليه.. الى أنه يدرك جيدا حقيقة الدور الذي يلعبه في الخفاء لكي يخدم اسرائيل. وسجل بريجنيف في رسالته ان القوات الاسرائيلية تتحرك جنوبا بمحاذاة الضفة الغربية لقناة السويس، وان هذه الاعمال الاسرائيلية غير مقبولة وتمثل خداعات وتحايلا فاضحا، ولذا فهو يقترح اجتماعا عاجلا لمجلس الامن ظهر لاعادة تاكيد وقف اطلاق النار، واصدار الامر للقوات الاسرائيلية بالعودة الى المواقع التي كانت عليها لحظة صدور القرار رقم 338 في اليوم السابق.
وفور تلقي كيسنجر رسالة بريجنيف ، سارع بالاتصال بالسفير الاسرائيلي في واشنطن سيمحا دينتز لابلاغه بهذا التطور. وخلال دقائق معدودات كانت جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل على سماعة الهاتف تطلب كيسنجر من تل أبيب. واخبرها كيسنجر بان الولايات المتحدة لن تتمكن من الاعتراض على مشروع قرار يتقدم به الاتحاد السوفيتي الى مجلس الامن لعودة
القوات المتحاربة الى خط 22 أكتوبر وفقا لقرار رقم 338 الذي اشتركت الولايات المتحدة نفسها في صياغته وتقديمه. وعندما لاحظ كيسنجر قلقها أخذ يهدئ من روعها فقال لها وفقا لما ورد في مذكراته بالحرف: "انني اقترح عليك ان تنسحب قوات اسرائيل في هذه الحالة مئات قليلة من الياردات من أي موقع تكون قد وصلت اليها الان، ثم تقف وتقول ان هذه هو خط 22 أكتوبر". وأضاف كيسنجر متهكما لرئيسة وزراء اسرائيل: "كيف يمكن لاي شخص أن يعرف على الاطلاق أين كان يوجد خط 22 أكتوبر في الصحراء؟".
 
 
وهكذا أعطى كيسنجر الضوء الاخضر الجديد لاسرائيل لكي تمضي قواتها في عملياتها الحربية منتهكة قرار وقف اطلاق النار دون خوف من عقاب، اذ ان الحل بسيط فيما لو تأزمت الأمور، هو أن تنسحب قوات اسرائيل بضع مئات من الياردات وتقول: هذا هو خط 22 أكتوبر.
 
لقد كان هنري كيسنجر هو وزير خارجية احدى القوتين العظميين، ويمكنها أن تعرف بسهولة بوسائلها المتطورة في الاستطلاع الجوي اين كان يوجد خط 22 أكتوبر على وجه التحديد، وكان كيسنجر بالذات قد تسلم قبل مغادرته اسرائيل تقريرا عسكريا اسرائيليا كان يحدد خط 22 أكتوبر، ومع ذلك فهو نفسه الذي يقول لرئيسة وزراء اسرائيل متهكما.. ان أحد لا يعرف مطلقا أين كان يوجد خط 22 أكتوبر. وقد سجل كيسنجر في مذكراته أنه في محاولة لكسب الوقت اتصل بالقائم بالأعمال السوفيتي في حوالي الساعة الحادية عشرة ونصف.. لكي يخبره أن الولايات المتحدة لا تمانع في دعوة مجلس الأمن للانعقاد ظهرا، ولكنها لن تكون على استعداد للتصويت الا فيما بعد، كما أنها لا توافق على انسحاب اسرائيل الى خط 22 أكتوبر.
 
وفي حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا – أي في خلال ساعة واحدة فقط من رسالة كيسنجر الى موسكو – وردت رسالة من بريجنيف في هذه المرة الى الرئيس الأمريكي نيكسون. وكانت رسالة الرئيس السوفيتي شديدة اللهجة. فقد أشار في رسالته الى أن الاتحاد السوفيتي، يرى أن خرق اطلاق النار هذه المرة هو خيانة في ظل ضمان كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، لذلك فهو يطلب اتخاذ أكثر الاجراءات فعالية بصفة مشتركة وبدون اي تاخير لفرض وقف اطلاق النار.
 
ونظرا لان نيكسون لم يكن مشتركا مع وزير خارجيته في مناوراته المشبوعة لمساندة اسرائيل في استمرار خرقها لوقف اطلاق النار – اذ ان ذلك لم يكن في صالح الولايات المتحدة – فقد بعث برده الى بريجنيف الذي أقر فيه بالمسئولية الكاملة للولايات المتحدة عن التزام اسرائيل بوقف اطلاق النار، وموافقته على ضرورة اعادة اسرائيل الى خط 22 أكتوبر. واضطر كيسنجر الى ابلاغ القائم بالاعمال السوفيتي برسالة نيكسون الى بريجنيف، التي كانت تتناقض مع ما سبق أن أبلغه لموسكو من عدم موافقة الولايات المتحدة على الانسحاب الى خط 22 أكتوبر.
 
وعندما علم القادة السوفيت ان القوات المدرعة الاسرائيلية غرب القناة تندفع الى الجنوب في سرعة خاطفة دون اكتراث بوقف اطلاق النار في محاولة لعزل السويس ومحاصرة الجيش المصري الثالث شرق القناة، اتحذ بريجنيف خطوة أشد عنفا مما سبق. فبعث برسالة جديدة الى الرئيس نيكسون، أصبحة هي الرسالة الثانية خلال أقل من ساعتين، يطلب فيها دعوة مجلس الامن للانعقاد في الحال لفرض وقف اطلاق النار واعادة القوات الاسرائيلية الى خط 22 أكتوبر دون أي تأخير. وبعد هذا الموقف المتشدد من السوفيت، اضطر كيسنجر الى تغيير موقفه كما يبدو بوضوح في مذكراته، فقد ذكر ان اعتبارات أخرى قد طرأت على الموقف، فلم تكن للولايات المتحدة مصلحة في رؤية السادات يتم تدميره عن طريق انهيار وقف اطلاق النار الذي كانت الولايات المتحدة نفسها شريكة في الاشراف عليه، وانه في حالة سقوط السادات فان المرجح ان يحل قائد راديكالي يميل الى السوفيت، وسوف تقوم الأسلحة السوفيتية في وقت قياسي باعادة تشكيل ما يعادل قوات الجيش الثالث، ولابد في هذه الحالة من نشوب حرب أخرى بين مصر واسرائيل ان عاجلا أو آجلا.
 
وازاء هذه التطورات، تم ابلاغ بريجنيف في الخامسة والربع مساء بأن واشنطن توافق على التقدم بمشروع أمريكي سوفيتي مشترك الى مجلس الأمن لتثبيت وقف اطلاق النار ومطالبة القوات المتحاربة بالعودة الى خط 22 أكتوبر. وبناء على ذلك اجتمع مجلس الأمن مساء يوم 23 أكتوبر، وعندما تقدم جون سكالي مندوب الولايات المتحدة بالمشروع الأمريكي أعلن المندوب السوفيتي جاكوب مالك تأييده للمشروع، وطالب بالاقتراع عليه في الحال فأحرز 14 صوتا لامتناع الصين عن التصويت، وصدر بذلك القرار الذي عرف باسم قرار مجلس الأمن رقم 339 ، وكان نصه كما يلي: "ان مجلس الأمن اذ يشير الى قراره رقم 338 الصادر بتاريخ 22 أكتوبر 73:
 
أولا – يؤكد قراره المتعلق بوقف جميع أنواع اطلاق النار وجميع الانشطة العسكرية فورا، ويحث على أن تعود قوات الجانبين الى المواقع التي كانت تحتلها عند نفاذ قرار وقف اطلاق النار.
 
ثانيا – يطلب من السكرتير العام اتخاذ الاجراءات اللازمة لارسال مراقبين من الأمم المتحدة فورا لمراقبة الالتزام بوقف اطلاق النار بين قوات اسرائيل وقوات جمهورية مصر العربية مستخدما لهذه الغاية أفراد الأمم المتحدة الموجودين حاليا في الشرق الأوسط، وفي المقام الأول الموجودين في القاهرة".
 
معركة السويس
العميد يوسف عفيفي.
معركة تحرير السويس هي معركة دارت بين جيش الدفاع الإسرائيلي والجيش المصري وأفراد من المقاومة الشعبية في مدينة السويس المصرية يومي 24-25 أكتوبر عام 1973. وكانت آخر معركة كبرى في حرب أكتوبر، قبل سريان وقف إطلاق النار. في 23 أكتوبر مع وصول وشيك لمراقبي الأمم المتحدة، قررت إسرائيل اقتحام السويس، على افتراض أنها ستكون ضعيفة الدفاعات. أوكلت المهمة إلى لواء مدرع وكتيبة مشاة من لواء المظليين، ودخلت المدينة دون وجود خطة للمعركة. تعرض اللواء لكمين وتعرض لخسائر كبيرة، كما تعرضت قوات المظليين لنيران كثيفة والعديد منهم أصبحوا محاصرين داخل المبانى المحلية.[2
الشيخ حافظ سلامة.
في فجر يوم 23 أكتوبر انتهكت إسرائيل قرار مجلس الأمن رقم 338 الصادر في 22 أكتوبر 73 بوقف اطلاق النار، فقد تقدمت الفرقتان المدرعتان بقيادة الجنرالين ابراهام أدان وكلمان بموافقة القيادة الجنوبية الاسرائيلية، جنوبا في اتجاه السويس، وأصبح من الواضح أن اسرائيل مصممة على تحقيق أهدافها التي لم تتمكن من تحقيقها قبل وقف اطلاق النار، بسبب المقاومة المصرية الباسلة، وهي عزل مدينة السويس واحكام الحصار حول الجيش الثالث الميداني شرق القناة، لاستخدام ذلك كورقة رابحة في يدها للمساومة بها خلال المحادثات التي كان من المنتظر عقدها بينها وبين مصر وفقا لقرار مجلس الامن الدولي رقم 338.
 
وفي الساعة التاسعة والنصف صباحا يوم 23 أكتوبر بتوقيت شرق الولايات المتحدة، اتصل كورت فالدهايم السكرتير العام للأمم المتحدة من نيويورك بوزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر في واشنطن هاتفيا، واخطره أن مصر تقدمت بشكوى رسمية عن الخرق الاسرائيلي لوقف اطلاق النار، وانه يقترح ايفاد قوة طوارئ دولية لمراقبة وقف اطلاق النار.
 
قرار مجلس الأمن رقم 339
 
أفراد المقاومة الشعبية يقفون بالقرب من دبابة إسرائيلية مدمرة أثناء معركة السويس.
نظرا لان السفير السوفيتي أناتولي دوبرينين كان لا يزال في موسكو عقب حضوره محادثات الرئيس بريجينيف وكسنجر يوم 21 أكتوبر في العاصمة السوفيتية، فقد بادر كيسنجر عقب حديث فالدهايم معه الى الاتصال بالقائم بالأعمال السوفيتي في واشنطن، وقدم له اقتراحا لينقله الى موسكو، وهو أن يجتمع مجلس الأمن كي يكلف السكرتير العام فالدهايم باصدار نداء الى الاطراف المعنية بضرورة الالتزام بوقف اطلاق النار وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 338.
 
وكان هنري كيسنجر الشديد التعصب لاسرائيل بحكم ديانته اليهودية، قد استغل منصبه كوزير خارجية الولايات المتحدة لتقديم مساعدات ضخمة لاسرائيل منذ بداية الحرب في شتى المجالات. وأثناء محادثاته مع بريجينيف خلال رحلته الى موسكو من اجل وقف اطلاق النار، تعمد اضاعة الوقت وتأخير اجتماع مجلس الامن لكي يعطي مهلة اضافية لاسرائيل عسى أن تسجل قواتها مزيدا من التقدم في جبهة القتال.
 
وخلال وجوده في موسكو أبرقت اليه جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل تطلب منه القدوم الى اسرائيل قبل عودته الى واشنطن، وعلى الفور غير كيسنجر من مسار رحلته كلها لكي يستجيب لطلب رئيسة وزراء اسرائيل، ووصل الى مطار بن جوريون في الساعة الواحدة ظهر يوم 22 أكتوبر أي بعد صدور قرار مجلس الامن رقم 338 بست ساعات.
 
وقبل أن يغادر كيسنجر اسرائيل، كان موعد سريان وقف اطلاق النار قد حل، وقد سجل كيسنجر في مذكراته ما يثبت تماما انه قد استغل منصبه لكي يعطي اسرائيل ضوءا اخضر لكي تخرق وقف اطلاق النار، فقد ذكر بالحرف: "في اسرائيل ولكي احظى بمساندتهم فانني أشرت لهم انني سوف اتفهم الامر اذا افلتت ساعات قليلة من سريان وقف اطلاق النار، وستفلت هذه الساعات بينما اكون عائدا بطائرتي الى واشنطن". وعلى ذلك لم يكن اقتراح كيسنجر للقائم بالاعمال السوفيتي بتكليف مجلس الامن لفادلهايم باصدار نداء الى الاطراف المعنية للالتزام بوقف اطلاق النار. . سوى حلقة جديدة من سلسلة اضاعة الوقت التي أحكم كيسنجر تدبيرها لمنح القوات الاسرائيلية الفرصة التي تتوق اليها لتحقيق أهدافها.
 
ولكن كيسنجر في غمرة مناوراته الملتوية نسى أن زعماء الكرملين في موسكو كانوا يدركون جيدا حقيقة اهدافه ومراميه في سبيل خدمة اسرائيل، ولذا أدركته الدهشة حينما نقل اليه القائم بالاعمال السوفيتي مذكرة عاجلة موجهة اليه من الرئيس السوفيتي بريجنيف، اذ ان ذلك الاجراء لم يسبق حدوثه من قبل، فان بريجنيف وفقا للاعراف الدبلوماسية لا يوجه رسائله الا الى الرئيس الأمريكي نيكسون. وفهم كيسنجر على الفور ان الرئيس السوفيتي يريد ان يلفت نظره بهذه الرسالة المباشرة المرسلة اليه.. الى أنه يدرك جيدا حقيقة الدور الذي يلعبه في الخفاء لكي يخدم اسرائيل. وسجل بريجنيف في رسالته ان القوات الاسرائيلية تتحرك جنوبا بمحاذاة الضفة الغربية لقناة السويس، وان هذه الاعمال الاسرائيلية غير مقبولة وتمثل خداعات وتحايلا فاضحا، ولذا فهو يقترح اجتماعا عاجلا لمجلس الامن ظهر لاعادة تاكيد وقف اطلاق النار، واصدار الامر للقوات الاسرائيلية بالعودة الى المواقع التي كانت عليها لحظة صدور القرار رقم 338 في اليوم السابق.
 
وفور تلقي كيسنجر رسالة بريجنيف ، سارع بالاتصال بالسفير الاسرائيلي في واشنطن سيمحا دينتز لابلاغه بهذا التطور. وخلال دقائق معدودات كانت جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل على سماعة الهاتف تطلب كيسنجر من تل أبيب. واخبرها كيسنجر بان الولايات المتحدة لن تتمكن من الاعتراض على مشروع قرار يتقدم به الاتحاد السوفيتي الى مجلس الامن لعودة القوات المتحاربة الى خط 22 أكتوبر وفقا لقرار رقم 338 الذي اشتركت الولايات المتحدة نفسها في صياغته وتقديمه. وعندما لاحظ كيسنجر قلقها أخذ يهدئ من روعها فقال لها وفقا لما ورد في مذكراته بالحرف: "انني اقترح عليك ان تنسحب قوات اسرائيل في هذه الحالة مئات قليلة من الياردات من أي موقع تكون قد وصلت اليها الان، ثم تقف وتقول ان هذه هو خط 22 أكتوبر". وأضاف كيسنجر متهكما لرئيسة وزراء اسرائيل: "كيف يمكن لاي شخص أن يعرف على الاطلاق أين كان يوجد خط 22 أكتوبر في الصحراء؟".وهكذا أعطى كيسنجر الضوء الاخضر الجديد لاسرائيل لكي تمضي قواتها في عملياتها الحربية منتهكة قرار وقف اطلاق النار دون خوف من عقاب، اذ ان الحل بسيط فيما لو تأزمت الأمور، هو أن تنسحب قوات اسرائيل بضع مئات من الياردات وتقول: هذا هو خط 22 أكتوبر.
لقد كان هنري كيسنجر هو وزير خارجية احدى القوتين العظميين، ويمكنها أن تعرف بسهولة بوسائلها المتطورة في الاستطلاع الجوي اين كان يوجد خط 22 أكتوبر على وجه التحديد، وكان كيسنجر بالذات قد تسلم قبل مغادرته اسرائيل تقريرا عسكريا اسرائيليا كان يحدد خط 22 أكتوبر، ومع ذلك فهو نفسه الذي يقول لرئيسة وزراء اسرائيل متهكما.. ان أحد لا يعرف مطلقا أين كان يوجد خط 22 أكتوبر. وقد سجل كيسنجر في مذكراته أنه في محاولة لكسب الوقت اتصل بالقائم بالأعمال السوفيتي في حوالي الساعة الحادية عشرة ونصف.. لكي يخبره أن الولايات المتحدة لا تمانع في دعوة مجلس الأمن للانعقاد ظهرا، ولكنها لن تكون على استعداد للتصويت الا فيما بعد، كما أنها لا توافق على انسحاب اسرائيل الى خط 22 أكتوبر.
وفي حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا – أي في خلال ساعة واحدة فقط من رسالة كيسنجر الى موسكو – وردت رسالة من بريجنيف في هذه المرة الى الرئيس الأمريكي نيكسون. وكانت رسالة الرئيس السوفيتي شديدة اللهجة. فقد أشار في رسالته الى أن الاتحاد السوفيتي، يرى أن خرق اطلاق النار هذه المرة هو خيانة في ظل ضمان كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، لذلك فهو يطلب اتخاذ أكثر الاجراءات فعالية بصفة مشتركة وبدون اي تاخير لفرض وقف اطلاق النار.
 
ونظرا لان نيكسون لم يكن مشتركا مع وزير خارجيته في مناوراته المشبوعة لمساندة اسرائيل في استمرار خرقها لوقف اطلاق النار – اذ ان ذلك لم يكن في صالح الولايات المتحدة – فقد بعث برده الى بريجنيف الذي أقر فيه بالمسئولية الكاملة للولايات المتحدة عن التزام اسرائيل بوقف اطلاق النار، وموافقته على ضرورة اعادة اسرائيل الى خط 22 أكتوبر. واضطر كيسنجر الى ابلاغ القائم بالاعمال السوفيتي برسالة نيكسون الى بريجنيف، التي كانت تتناقض مع ما سبق أن أبلغه لموسكو من عدم موافقة الولايات المتحدة على الانسحاب الى خط 22 أكتوبر.
 
وعندما علم القادة السوفيت ان القوات المدرعة الاسرائيلية غرب القناة تندفع الى الجنوب في سرعة خاطفة دون اكتراث بوقف اطلاق النار في محاولة لعزل السويس ومحاصرة الجيش المصري الثالث شرق القناة، اتحذ بريجنيف خطوة أشد عنفا مما سبق. فبعث برسالة جديدة الى الرئيس نيكسون، أصبحة هي الرسالة الثانية خلال أقل من ساعتين، يطلب فيها دعوة مجلس الامن للانعقاد في الحال لفرض وقف اطلاق النار واعادة القوات الاسرائيلية الى خط 22 أكتوبر دون أي تأخير. وبعد هذا الموقف المتشدد من السوفيت، اضطر كيسنجر الى تغيير موقفه كما يبدو بوضوح في مذكراته، فقد ذكر ان اعتبارات أخرى قد طرأت على الموقف، فلم تكن للولايات المتحدة مصلحة في رؤية السادات يتم تدميره عن طريق انهيار وقف اطلاق النار الذي كانت الولايات المتحدة نفسها شريكة في الاشراف عليه، وانه في حالة سقوط السادات فان المرجح ان يحل قائد راديكالي يميل الى السوفيت، وسوف تقوم الأسلحة السوفيتية في وقت قياسي باعادة تشكيل ما يعادل قوات الجيش الثالث، ولابد في هذه الحالة من نشوب حرب أخرى بين مصر واسرائيل ان عاجلا أو آجلا.
 
وازاء هذه التطورات، تم ابلاغ بريجنيف في الخامسة والربع مساء بأن واشنطن توافق على التقدم بمشروع أمريكي سوفيتي مشترك الى مجلس الأمن لتثبيت وقف اطلاق النار ومطالبة القوات المتحاربة بالعودة الى خط 22 أكتوبر. وبناء على ذلك اجتمع مجلس الأمن مساء يوم 23 أكتوبر، وعندما تقدم جون سكالي مندوب الولايات المتحدة بالمشروع الأمريكي أعلن المندوب السوفيتي جاكوب مالك تأييده للمشروع، وطالب بالاقتراع عليه في الحال فأحرز 14 صوتا لامتناع الصين عن التصويت، وصدر بذلك القرار الذي عرف باسم قرار مجلس الأمن رقم 339 ، وكان نصه كما يلي: "ان مجلس الأمن اذ يشير الى قراره رقم 338 الصادر بتاريخ 22 أكتوبر 73:
 
أولا – يؤكد قراره المتعلق بوقف جميع أنواع اطلاق النار وجميع الانشطة العسكرية فورا، ويحث على أن تعود قوات الجانبين الى المواقع التي كانت تحتلها عند نفاذ قرار وقف اطلاق النار.
 
ثانيا – يطلب من السكرتير العام اتخاذ الاجراءات اللازمة لارسال مراقبين من الأمم المتحدة فورا لمراقبة الالتزام بوقف اطلاق النار بين قوات اسرائيل وقوات جمهورية مصر العربية مستخدما لهذه الغاية أفراد الأمم المتحدة الموجودين حاليا في الشرق الأوسط، وفي المقام الأول الموجودين في القاهرة".
 
 
 
 
خرق وقف اطلاق النار
 
الجنرال أڤراهام أدان قائد الفرقة 162.
عند منتصف ليلة 23/24 أكتوبر كانت القوات الاسرائيلية التي اندفعت في اتجاه الجنوب منذ فجر 23 أكتوبر قد أكملت في ظل وقف اطلاق النار حلقة الحصار حول مدينة السويس، فقد تم لها قطع طريق السويس القاهرة من ناحية الغرب، والطريقين اللذين يؤديان الى الاسماعيلية من ناحية الشمال، وهما طريق القناة وطريق المعاهدة، كما تم لها قطع الطريق البري الذي يربط السويس بميناء الأدبية وخليج السويس من ناحية الجنوب، وبوصول بعض القطع البحرية الاسرائيلية صباح يوم 24 أكتوبر الى ميناء الأدبية تم قطع الطريق البحري الذي يربط السويس بالخليج والبحر الأحمر.
 
وفي نفس الوقت الذي تم فيه عزل السويس عن العالم الخارجي، نجح العدو في احكام حصاره للجيش الثالث الميداني شرق القناة، وكان هذا الجيش يتشكل من فرقتين 7 مشاة و19 مشاة وقوامها حوالي 40.000 ضابط وجندي ونحو 250 دبابة. وعلاوة على ذلك أصبحت هذه القوات كلها هي ومدينة السويس خارج نطاق شبكة الدفاع الجوي (سام) فقد كان الجيب الاسرائيلي الممتد من جنوب ترعة الاسماعيلية شمالا حتى ميناء الأدبية جنوبا يفصل بين كتائب الصواريخ المصرية أرض جو في الغرب ووحدات الجيش الثالث ومدينة السويس في الشرق مما أتاح الفرقة للطائرات الاسرائيلية للقيام بهجماتها العنيفة المركزة على السويس وعلى قوات الجيش الثالث دون اي فرصة لردع الطائرات الاسرائيلية المغيرة. هذا ولم تكن لدى القيادة المصرية وقتئذ أي قوات احتياطية غرب القناة سواء على المستوى التعبوي أو الاستراتيجي للقيام بهجوم مضاد رئيسي أو للقيام بضربة مضادة يمكن عن طريقها انهاء عزلة السويس وفك الحصار عن وحدات الجيش الثالث شرق القناة.
 
وبتعليمات من السكرتير العام للأمم المتحدة الجنرال الفنلندي إنزيو سيلاسفو قائد قوات الطوارئ الدولية في قبرص كلا من القاهرة وتل أبيب عقب صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 339 في 23 أكتوبر، وتم الاتفاق بينه وبين المسئولين في القيادتين المصرية والاسرائيلية على أن تلتزم قوات الطرفين بالموعد الثاني لوقف اطلاق النار وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 339 وهو الساعة السابعة صباحا يوم 24 أكتوبر.
 
ورغم اعلان اسرائيل قبولها لهذا الموعد الجديد لوقف اطلاق النار، فان عملياتها الحربية ضد الجيش الثالث وضد مدينة السويس استمرت طوال المدة من 24 إلى 27 أكتوبر. فقد كان الاسرائيليون يأملون أن تستسلم خلال هذه الفترة تحت ضغطهم الشديد قوات الجيش الثالث المحاصرة، وأن ينجحوا في اقتحام مدينة السويس قبل وصول قوات الامم المتحدة. ولو قدر لهم أن يحققوا ما كانوا يهدفون اليه لكانت مصر قد واجهت كارثة عسكرية من أسوأ الكوارث في تاريخها.
 
ولا شك في أن من أهم العوامل التي شجعت القيادة الاسرائيلية على الاستمرار في محاولاتها لحصار وتدمير الجيش الثالث والاستيلاء على مدينة السويس، تلك المساعدات الأمريكية الجبارة عبر الجسر الجوي الأمريكي لتزويدها بأحدث الأسلحة والمعدات المتطورة في محاولة لقلب ميزان الموقف العسكري بعد النجاح الساحق الذي أحرزته القوات المصرية في المرحلة الأولى من الحرب. وكان الالتزام الامريكي بضمان أمن وسلامة اسرائيل الذي يمثل خطا استراتيجيا رئيسيا في السياسة الامريكية بمنطقة الشرق الأوسط، هو العامل الاول الذي شجع اسرائيل على مواصلة عملياتها الحربية غرب القناة على الرغم من صدور قرارين من مجلس الامن بوقف اطلاق النار، وهما القراران رقما: 339 في 22 أكتوبر، و339 في 23 اكتوبر ، اللذان أعلنت اسرائيل نفسها موافقتها عليهما.
 
وقبل مهاجمة مدينة السويس، وبعد احكام الحصار حولها، كان هدف القيادة الاسرائيلية هو القضاء على بقايا وحدات الفرقة 6 مشاة ميكانيكية التي اشتركت في المعارك التعطيلية العنيفة ضد قوات الجنرال ابراهام أدان المتقدمة على المحور الساحلي الموازي للبحيرات المرة والقناة، مما أدى في النهاية الى تداخلها بين القوات الاسرائيلية.
 
وفي مساء يوم 23 أكتوبر كانت بقايا الوحدات الفرعية للفرقة السادسة الميكانيكية متمركزة في بعض المواقع الدفاعية التي احتلتها على عجل في المنطقة المحصورة ما بين طريق القاهرة-السويس الشمالي (طريق 12) وطريق القاهرة-السويس الرئيسي. وكانت وصلة جنيفة التي تتقاطع مع الطريق الشمالي على مسافة 6 كم جنوب معسكر حبيب الله وتتقاطع مع الطريق الرئيسي عند علامة الكيلو متر 109، تحد هذه المنطقة من الشرق. وكانت قوات الفرقة السادسة الميكانيكية في وضع تكتيكي خطير بسبب احاطة قوات العدو بها من الجوانب الاربعة: من الشرق في منطقة عجرود ومدخل السويس، ومن الغرب في منطقة الكيلو متر 101 طريق القاهرة السويس، ومن الشمال في مرتفعات جبل جنيفة وجبل غرة والتبة الزلطية، ومن الجنوب جبل عتاقة وكان القضاء عليها يعتبر مسالة وقت لاغير. ورغم ذلك فان القيادة الاسرائيلية كانت تهدف الى سرعة تطهير جميع الهيئات الحاكمة والمرتفعات شمال طريق القاهرة –السويس حتى علامة الكيلو متر 101 غربا من القوات المصرية، حتى يمكنها القيام بعملياتها ضد مدينة السويس دون احتمال اي تدخل من جانب القوات المصرية التي كانت لا تزال في الغرب.
 
وبناء على تعليمات قائد الجيش الثالث الذي انتقل منذ مساء يوم 23 أكتوبر الى مركز قيادته الرئيسي في جنوب جبل عوبيد بعد اقتحام الدبابات الاسرائيلية لمركز قيادته المتقدم شمال غرب السويس، كان العميد أ. ح أبو الفتح محرم قائد الفرقة 6 مشاة ميكانيكية موجودا عند علامة الكيلو متر 109 طريق القاهرة-السويس في الساعة السابعة صباحا يوم 24 أكتوبر بعد ان اصبح القرار الثاني لوقف اطلاق النار نافذ المفعول، انتظارا لوصول المراقبين الدوليين الذين وعد الجنرال سيلاسفو بارسالهم في هذا التوقيت لارشادهم الى مناطق التجمعات المصرية داخل المنطقة التي احتلها اسرائيل عقب القرار الاول لوقف اطلاق النار لامكان تنفيذ قرار مجلس الامن رقم 339 باعادة القوات الاسرائيلية الى خط 22 أكتوبر.
 
ولكن مفاجاة قاسية كانت في انتظار العميد أبو الفتح. فبدلا من قدوم المراقبين الدوليين، قدمت الى المنطقة الدفاعية التي تحتلها وحدات فرقته الطائرات الاسرائيلية لتقوم بهجماتها المدمرة، وتلاها قصف عنيف مركز من المدفعية الاسرائيلية ، واتضح ان اعلان اسرائيل قبولها لوقف اطلاق النار كان في المرتين ستارا خادعا لتقوم من ورائه بعملياتها.
 
وقبل الظهر تقدمت الدبابات الاسرائيلية الى الموقع الدفاعي شمال تقاطع الكيلو متر 109 الذي كانت تحتله بقايا وحدات من اللواء الأول مشاة ميكانيكي من اتجاهي الشرق والغرب على طول طريق القاهرة السويس الرئيسي، وتحت قصف عنيف من المدفعية وعن طريق المعاونة المباشرة للطيران، اخترقت الدبابات الاسرائيلية الموقع الدفاعي في حوالي الساعة الثالثة والنصف مساء. وتحولت الدبابات الاسرائيلية بعد ذلك شمالا، وتحت ستار هجمات جوية مركزة وقصف مدفعي كثيف قامت الدبابات الاسرائيلية باختراق الموقع الدفاعي لبقايات وحدات اللواء 113 مشاة ميكانيكي في الساعة الخامسة مساء، وبذا تم تدمير وحدات الفرقة 6 مشاة ميكانيكية غرب القناة بعد معارك شرسة ، وسقطت جميع المواقع المصرية شمال طريق القاهرة السويس حتى علامة الكيلو متر 101 غربا.
 
وكان الجنرال ابراهام أدان قائد الفرقة المدرعة الاسرائيلية التي تحاصر السويس قد تلقى رسالة لاسلكية من الجنرال جونين قائد القيادة الجنوبية في الساعة الثانية صباح يوم 24 أكتوبر يسأله فيها اذا كان في مقدرته احتلال السويس في خلال ساعتين ونصف الساعة، وهي الفترة بين طلوع الفجر في الساعة الرابعة والنصف، وموعد السريان الثاني لوقف اطلاق النار في الساعة الرابعة صباحا. وعندما رد الجنرال ادان بأن هذا يتوقف على عدد المصريين المقاتلين بالمدنية ومدى تصميمهم على القتال، وأنه يستطيع الاستيلاءعلى جزء من المدينة من أسوأ الفروض، فتردد جونين قليلا ثم قال: "حسنا اذا كانت بئر السبع فتقدم على الفور، واذا كانت ستالينجراد فلا تدخلها". وبكلمات أخرى كان جونين يعني انه اذا كان في الامكان الاستيلاء على السويس بنفس السهولة التي بها استيلاء الاسرائيلية على مدينة بئر السبع في 20 أكتوبر 1948 فانه يوافق على الهجوم، ولكن اذا كان أدان سيلقي مقاومة مثل تلك التي صادفها الجنرال الالماني فون باولوس عند محاولة اقتحام مدينة ستالينجراد السوفيتية عام 1945 فينبغي عليه العدول عن المحاولة. وعقب هذا الحوار مباشرة أصدر الجنرال أدان أمرا الى قواته بالهجوم على مدينة السويس في صباح يوم 24 أكتوبر وفقا للخطة التالية:
لواء جابي: يتم دخول السويس من اتجاهين: من اتجاه الغرب على محور طريق القاهرة السويس، ومن اتجاه الجنوب الغربي على محور طريق الزيتية السويس، وتندفع القوتان الى وسط المدينة.
لواء آريين: يدخل السويس من اتجاهين: اتجاه الشمال (طريق الجنانين) ومن اتجاه الشمال الغربي، على أن يكون مجهود الرئيسي على اليمين بموازاة طريق القاهرة السويس، وكانت تت