مصر وإفريقيا.. 60 عاما من العلاقات الرسمية والشعبية وروابط ثقة أسسها عبدالناصر

كتب :
السبت 09 فبراير 2019 - 03:29 ص

مصر وإفريقيا.. 60 عاما من العلاقات الرسمية والشعبية وروابط ثقة أسسها عبدالناصر |

 

جمال عبدالناصر

"إرادة إفريقية حرة وواحدة" و"إفريقيا للإفريقيين"..هذه هى الشعارات التى تبنتها مصر منذ الخمسينيات تجاه رؤيتها الخاصة بالقارة الإفريقية وبداية نشأة علاقة قوية منذ دعم القارة السمراء ضد الاستعمار والتشبث بحقوق الشعوب التى طالما جار عليها المستعمر المستبد.


وفى هذا التقرير نرصد تفاصيل نشأة علاقة الترابط المصرى الإفريقي والجهود التى بذلتها مصر على مر التاريخ لدعم القارة وقيادتها نحو التنمية والرخاء، بالتزامن مع عقد قمة الاتحاد الإفريقى فى دورتها العادية الـ 32 غدا بأديس أبابا وتسلم مصر رئاسة الاتحاد لمدة عام.

1958.."إفريقيا للإفريقيين"..انتفاضة القارة السمراء

"إفريقيا للإفريقيين"..هكذا كان شعار أول مؤتمر للقارة الإفريقية فى إبريل 1958 فى أكرا عاصمة غانا، والذى كان بمثابة انتفاضة للقارة السوداء التى طالما تحكم الاستعمار فيها.

وقدمت مصر خلال هذا المؤتمر 8 مبادئ وقرارات تضمنت: تأكيد الإيمان بمبادئ الأمم المتحدة، إعلان التأييد لحق الشعوب غير المستقلة فى الاستقلال وتقرير المصير، إعلان الاهتمام الخاص بتأييد حقوق الأمة العربية فى فلسطين، التأكيد على الحاجة الماسة إلى إشراف فعال على نزع السلاح وتجريم إنتاج الأسلحة الذرية والهيدروجينية وتجاربها.

1963..إرادة إفريقية حرة وواحدة بمؤتمر أقطاب إفريقيا

"إرادة إفريقية حرة وواحدة"..هكذا عبر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عن سعادته لانعقاد مؤتمر أقطاب إفريقيا فى مايو 1963- وهو أول وأكبر اجتماع يضم قادة القارة السمراء، فى خطاب تاريخى أمام رؤساء 30 دولة، مؤكدا أن مجرد انعقاد المؤتمر دليل على وجود إرادة إفريقية حرة واحدة.

وأضاف الزعيم الراحل "هذا المشهد الذى نراه من حولنا فى هذه العاصمة الجميلة أديس أبابا مشهد تاريخى لا ينسى، وستظل القارة لأجيال قادمة تتطلع إلى هذا الاجتماع باعتباره نقطة تحول حاسمة فى تقدم العمل الإنسانى".

جدير بالذكر، أن خطاب عبدالناصر استغرق 28 دقيقة وتمت مقاطعته بالتصفيق 11 مرة، وتم اختيار مصر و3 دول لوضع الصيغة النهائية لمشروع ميثاق منظمة الدول الإفريقية.

1964.. الحرية والحياة لإفريقيا..مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقي

"الحرية والحياة لإفريقيا".. هكذا كان مانشيت جريدة "الأهرام" فى صدر صفحته الأولى يوم 18 يوليو 1964، فى محاولة لتلخيص خطاب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر خلال رئاسته مؤتمر قمة الاتحاد الإفريقى بقاعة الاجتماعات الكبرى فى الجامعة العربية وسط حضور رؤساء 33 دولة ملكًا ورئيسًا، حيث قال فى كلمته "نحن جميعًا فى نفس القارب، نواجه التحدي الحقيقي لمطالب الحرية والحياة".

وأوضح عبدالناصر في خطابه بالجلسة الافتتاحية، أن الاستقلال لم يكن إلا بداية للتحدى الحقيقى لمطالب الحرية والحياة، وأن شعوبنا لا تقنع بالاستقلال علمًا ونشيدًا وصونًا فى الأمم المتحدة وحسب ولكنها تريد إلى جانب ذلك أن يكون الاستقلال مضمونًا اجتماعيًا يصون كرامة البشر كما يصون الاستقلال كرامة أرضهم.

وطرح عبدالناصر قضية إسرائيل فى أبعادها الحقيقية الكاملة، قائلًا "نحن فى صدام عنيف مع المصالح الاستعمارية التى تحكمت فى منطقتنا طويلًا، ونحن نضم هذه القضية فى إطار الحركة العامة للثورة الوطنية العالمية ضد الاستعمار فى العالم كله، فهى قضية مصير وأن جزءًا من الوطن العربي اقتطع منه لتقوم عليه بالعدوان قاعدة للاستعمار فى إسرائيل".

وضم جدول أعمال هذا الغجتماع 17 موضوعًا يبحثها الملوك والرؤساء، تضمنت: تصفية الاستعمار، التفرقة العنصرية، الوحدة إفريقية، وعدد من الإجراءات الإدارية ودراسة نشاط المنظمة خلال العام الماضي، القيادة الإفريقية المشتركة، مشاكل الحدود، والمقر الدائم لسكرتارية منظمة الوحدة الإفريقية واختيار سكرتير عام لها.

رئاسة مصر لمنظمة الوحدة الإفريقية للمرة الأولى

شهد عام 1964 رئاسة مصر الأولى لمنظمة الوحدة الإفريقية، أي بعد سنة من نشأة المنظمة وكنتيجة لجهود مصر المتواصلة تجاه إفريقيا خلال تلك الفترة، فالرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان المخطط والمنظم والمشرف العام على السياسة الخارجية المصرية تجاه إفريقيا حينها، وساعده في ذلك الأجهزة الرئاسية المتمثلة في مكتب الشئون الإفريقية لرئاسة الجمهورية، هذا بالإضافة للجنة العليا للشئون الإفريقية، وبعض الأجهزة التنفيذية الأخرى كالإدارة الإفريقية بوزارة الخارجية المصرية، والمحطات الإذاعية والأجهزة الشعبية كاللجنة المصرية للتعاون الأفرو-آسيوي.

دور مصر فى دعم حركات التحرر الإفريقية ضد الاستعمار

لعبت مصر في تلك الفترة دورا محوريا في كافة ملفات القارة، وكان لها السبق في مواجهة الاستعمار التقليدي الذي جاء بعد ذلك على رأس أجندة منظمة الوحدة والتي أنشأت له "لجنة التنسيق لتحرير إفريقيا"، واستأنفت مصر دورها في دعم حركات التحرير عبر ذلك الإطار التنظيمي الإفريقي الجديد.

وكان قبل ذلك لمصر السبق في دعم حركات التحرير في إفريقيا قبل إنشاء المنظمة، وذلك لرؤية عبدالناصر، وقتها أن الأمن القومي المصري مرتبط بأمن واستقلال باقي دول القارة السمراء.

الظروف المحيطة برئاسة مصر لمنظمة الوحدة الإفريقية

تصدرت مصر مواجهة قضايا التمييز العنصري بالقارة، فرفضت "البانتوستانات"- أو قانون الاجتياز هو قانون عنصري أوجده الاستعمار البريطاني في جنوب إفريقيا في القرن التاسع عشر تحديداً في مستعمرتى الكيب وناتال، وكان الهدف الأساسي لهذا القانون هو تقييد حركة السكان الأصليين الأفارقة من مناطقهم القبلية التي أطلق عليها اسم البانتوستونات إلى المناطق التي يحتلها البيض التي كان تحكمها بريطانيا، وكانت على اتصال دائم مع الشعوب الإفريقية وحركات التحرير، خاصة في جنوب إفريقيا، من خلال كوادرها في القاهرة عبر البرامج الإذاعية الموجهة.

كما أسس عبدالناصر الرابطة الإفريقية في القاهرة بغرض التنسيق بين مكاتب حركات التحرير ونشاطاتها في إطار السياسة المصرية، وبلغ عدد المكاتب نحو 22 مكتباً وهيئة في بداية الستينات وأصدرت الرابطة عدد من الدوريات الهامة مثل "نهضة إفريقيا" و"رسالة إفريقيا".

1989.. أعمال القمة الإفريقية الـ25 لمنظمة الوحدة الإفريقية والقضية الفلسطينية في المقدمة

في هذا العام بدأت أعمال القمة الإفريقية الـ25 لمنظمة الوحدة الإفريقية بانتخاب الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك رئيسًا لمنظمة الوحدة الإفريقية في دورتها القادمة.

كما وافق المجلس الوزاري للمنظمة في هذه الدورة على مشروع قرار بشأن القضية الفلسطينية يشير إلى قرارات المجلس الوطني الفلسطيني وإلى خطاب ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني الراحل في جنيف، حيث أكد القرار على شرعية كفاح الشعب الفلسطيني، ويلاحظ بقلق الممارسات الإسرائيلية القمعية، وشدد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

2002..تحول منظمة الوحدة الإفريقية إلى الاتحاد الإفريقي

وفي يوليو 2002، أسدل الاتحاد الإفريقي الستار عن منظمة الوحدة الإفريقية بمشاركة رؤساء أكثر من 50 دولة إفريقية، بعد مرور 38عامًا على إنشائها، وسط وجود طموحات كبيرة بأن يتمكن الاتحاد من تحقيق الديمقراطية والتنمية.

وتبنى القادة المشاركون في القمة النصوص التأسيسية لأربعة أجهزة أساسية هي: مؤتمر الاتحاد، والمفوضية العامة، ومجلس السلم والأمن، وهيئة إدارة الأزمات، على أن يكون من حق الاتحاد التدخل في الشئون الداخلية للدول الأعضاء في حالة وقوع جرائم حرب أو إبادة جماعية.

 


مانشيت جريدة "الأهرام"


مانشيت جريدة "الأهرام"

 



جديد الأخبار